30‏/10‏/2009

جاليريا في مواقع الشبكة العنكبوتية




صحيفة العرب اليوم الأردنية - حوار





http://www.alarabalyawm.net/pages.php?news_id=187572



10/10/2009







العرب اليوم - آيه الخوالدة







يؤمن الكاتب الاردني ناصر فالح الريماوي بضرورة الحفاظ على إستقلالية القصة القصيرة ككيان أدبي لا غنى عنه, مع التأكيد على خصوصية هذا الكيان في تلبية الحاجات الملحة في وقتنا الراهن, ويذهب الريماوي في ابداعه الى اللغة الشعرية بكل تناقضاتها لينفرد بايقاع اللغة وتلقائية السرد.



والريماوي عضو ومشرف في إتحاد كتاب الأنترنت العرب, وله مجموعة قصصية صدرت حديثاً عن دار تالة في دمشق عنوان جاليريا. التقته العرب اليوم وحاورته.







* يذهب كبار القاصين الى وجود خطر يحدق في مصير القصة القصيرة, ما رأيك في صحة هذا الكلام?







- لقد ذهب البعض إلى أكثر من ذلك, وهو تأبين القصة القصيرة بعد موت مبرمج, والبعض الآخر إلى إلحاقها بغيرها من الأجناس الأدبية بعد حكم استباقي بحتمية إندثارها, من وجهة نظر متفائلة أجد نفسي ميالاً لتصديق فكرة وجود أزمة تمر بها القصة القصيرة وليس خطراً محدقاً يهدد مصيرها كجنس ادبي له أهميته, اما دواعي هذه الأزمة في رأيي الشخصي, فهو إنتفاء الثقة بالقدرة الكامنة التي تميز القصة القصيرة عن غيرها من الاجناس الادبية الأخرى, أو الإفتقار إلى المحاولات الجادة في إستثمار تلك القدرة الهائلة بحدها الأقصى كما ينبغي, هذا ربما أدى بمرور الوقت إلى تلاشي روح العقيدة بين العديد من معتنقي ومريدي هذا النوع من الكتابة, فأوقعها في ذلك المأزق.



أجد نفسي منحازاً وبشدة إلى تعدد الأصوات في تمثيل الأغلبية والتي تنادي بتطوير القصة القصيرة مع ضرورة الحفاظ على إستقلاليتها ككيان أدبي لا غنى عنه, مع التأكيد على خصوصية هذا الكيان في تلبية الحاجات الملحة في وقتنا الراهن. أنحاز إلى تطور القصة القصيرة من الداخل بالإطالة والتمدد -مع الأبقاء على مبدأ الأقتصاد اللغوي - بحيث يمكن للقصة القصيرة أن تستوعب عندئذٍ إضافات نوعية جديدة على صعيدي الشكل والمضمون, كالأسطورة والموروث الشعبي والحدث التاريخي, والحدث القائم على جمع المعلومة والتحليل النفسي الذي يستند إلى دراسة معمقة. لست منحازاً إلى التطور الذي يؤدي إلى إنشطار كيانات سردية متعددة كالقصة القصيرة جدا والخاطرة والنصوص العابرة نحو تجنيس محتمل… فهذا من شانه ان يفاقم أزمة القصة بل ويعمل على إندثارها.







* عمدت في بعض قصصك الى استخدام اللغة الشعرية, فكيف يخدم ذلك ولوجها الى قلب وفكر القارئ سريعا?











- أعتقد أن اللغة الشعرية تمتلك مقومات النفاذ السلس بامتياز نحو القلب والعقل, لكنها قد تسبب إرباكاً محتملا للقارىء في نص قصصي يقوم على توصيف الحدث.



في حالة التداخل الشديد بين الموضوع والشكل تتجلى تلك الروح الشعرية والتي يتطلب التعبير فيها تكثيفاً لغويا كبيرا للمعاني بايجاز ومن دون فائض لغوي لا مبرر له, كما تأخذ فيه الإنزياحات اهمية كبيرة واولوية على الحدث.



هناك أيضاً الطبيعة الفطرية, المسكونة بإيقاع اللغة والتي قد تنفذ إلى البنية السردية بتلقائية شديدة من خلال لغة شعرية في مرحلة ما من النص من دون الخضوع لسيطرة ذهنية.







* تفرض كتابة القصة القصيرة نوعا من القيود على صاحبها, فكيف تصف لنا علاقتك مع هذا النوع الادبي?











- لا توجد قيود مفروضة إنما ضوابط وقوانين أساسية تحكم فنيات السرد وتقنياته, يجب أخذها بعين الإعتبار عند الشروع في الكتابة.



أنطلق بحرية تامة لحظة الكتابة الإبداعية دون قيود بعد أن تتبلور الرؤية القصصية لدي وتتضح, عندها فقط تتحول تلك الورقة البيضاء إلى بيئة ملائمة للتجريب الحر في حضور تلك الرؤية.



يختلط الترتيب على صعيد الحدث او التسلسل الزمني في بعض كتاباتي, وفي تلاشي التوصيف الزماني والمكاني يبرز التركيز على البيئة المختلَقة والحركة العشوائية للشخوص ضمن المتن القصصي, وذلك لدفع القصة على صعيد الشكل والمضمون نحو الإنفتاح على فضاءات رحبة يكون من شأنها إستقطاب أيُّ تجديد محتمل.







* تقف القصة دوما على مفترق طرق بمواجهة الشعر, حيث ادعى بعضهم ان الشعر ديوان العرب, فما رأيك?



- لكل جنس ادبي إستقلاليته التامة عن الآخر, لا اعتقد بأن المفاضلة بين جنسين مختلفين تماماً هي مفاضلة منصفة أو مفيدة, فقد إستطاعت القصة القصيرة وبالرغم من عمرها القصير والذي لا يقارن بعمر الشعر أن تحقق حضوراً ملفتاً على الساحة الادبية في العالم العربي, مما يجعلها الآن مؤهلة وبقوة لأن تقف إلى جانب الشعر للمشاركة في صفحات ذلك الديوان لا أن تقف امامه على مفترق للطرق.







* هل يستطيع الاديب ان يلزم نفسه بفترة زمنية محددة لانجاز عمل ابداعي ما اجازة التفرغ الابداعي?







- اذا كان هذا الإلزام الزمني المحدد وفقاً لبرنامج يضعه الكاتب لنفسه, فلا ضير, لكن المشكلة قد تنشأ في حال إعتباره قيداً ملزماً من طرف آخر بحيث يتم فرضه على الكاتب, هنا أصبح عنصر الوقت يشكل قيداً من نوع ما, والابداع لا يمكن أن تحكمه قيود من أي نوع.



التفرغ مسألة مختلفة, فهي شرط أساسي لإنجاز أي عمل أبداعي, ربما تكمن إشكالية التفرغ بذلك التقييد الزمني, على أيّ حال هناك امثلة عملية تشير إلى إمكانية التعامل مع هذا الوضع بنجاح ربما من خلال القدرة على التكيف النفسي والذهني, فالكاتب والروائي جمال ناجي أنجز روايته الرائعة عندما تشيخ الذئاب في ظروف مماثلة.







* هل تعتقد بأن سهولة النشر, السبب الرئيسي الذي يكمن وراء كثرة الاصدارات ذات المحتوى الفارغ, ام هناك اسباب اخرى?



- بالمقابل فإن سهولة النشر كانت سبباً في الكشف عن مواهب دفينة و أعمال إبداعية مميزة تستحق الثناء, ربما تؤدي سهولة النشر لتبني سياسة الكم على حساب النوع لدى الكثيرين, لكنها ليست السبب الرئيسي في تراكم تلك الإصدارات السطحية عديمة المحتوى, فالإنجاز المتسرع بقصد النشر هو الدافع الاكبر, لكن الأسباب المباشرة سوف تتجلى بالضرورة سواء كانت هناك سهولة في النشر أم لم تكن, منها التخلي عن الجانب الثقافي والاعتماد على نواة الموهبة فقط, عدم الرغبة في إختيار مضامين يتطلب إخضاع محتواها للدراسة أو السعي الضروري للتقصي حولها, عدم الرغبة أو القدرة على المعايشة الضرورية بشكل كاف لإبراز العناصر السردية كما يجب (نتحدث عن القصة والرواية هنا), غياب الرؤية القصصية والسردية تماماً, الكتابة بلا ضوابط فنية من دون أي اعتبار للحد الأدنى من تقنيات السرد… واسباب مباشرة أخرى لا مجال لذكرها الآن.







* ما هو مشروعك القادم?







- خوض غمار القصة الطويلة او الرواية القصيرة, لتجسيد فكرة لا زالت تختمر عن نشأة مدينة أردنية لا زالت تحيا في داخلي بكل متناقضاتها الجميلة, مدهشة بتلك التناقضات إلى حد مثير وبدعوة ضاغطة في النزوح إلى عمق التفاصيل البعيدة نحو لجة القاع, حيث البدايات المغمورة تحت ركام الزمن الغابر, عن التكوين والنشأة, عن نفض الغبار بحنو لإستحضار القديم بروح الزمن الأول.



أتمنى ان اوفق بذلك مبتعداً عن التوثيق الصرف, مازجاً بفنية بين ما هو تاريخي وما هو تخيلي ومكتسب


29‏/10‏/2009

مجموعة (جاليريا) القصصية -مقال للكاتب والناقد المغربي عبده حقي


جاليريا

بين الرسم بالكلمات والسرد بالألوان


مقاربة نقدية في المجموعة القصصية (جاليريا) للقاص الأردني ناصرفالح الريماوي



عبده حقي / المغرب



إلى ماتؤشردينامية الإبداع القصصي الراهن في الوطن العربي ، وإلى ما يؤشرهذا المد الحكائي بمستوياته السردية المتباينة من قصة وقصة قصيرة وقصة قصيرة جدا ؟ وإلى أي حد أسهم النشرالإلكتروني في تفجيرالطاقات القصصية العربية ، وهل هذا التراكم هوبالضرورة إعلان عن تحول في بنيات السرد القصصي موازاة معا ما أفرزه إنفجارمجتمع الإعلام والإتصال من تغييرفي إثراء لقنوات التواصل ؟

يقينا أن للشبكة العنكبوتية إسهامها المائزفي بسط جسورالتواصل الفوري والآني بين الأصوات القصصية العربية خصوصا من جيل التسعينات ومقتبل الألفية الثالثة ، وقد ورط تجربتها السردية على محك النقد العربي الرصين فضلا عن تذييلها بالتعاليق التي تختلف بين تعاليق موضوعية وانطباعات تحفيزية وتوقيعات محاباتية … ومما لاشك فيه أن للفضاء الإلكتروني فضله أيضا في إستجلاء خصوصية وملامح الإبداع الأدبي بعامة والقصصي بخاصة ، والكشف عن مميزات هوية الأنا الكاتبة والمنكتبة .. هوية الذات / النص المبدع . وإلى الأمس القريب قبل سنوات قليلة لم يكن يغمرالمكتبة العربية من الإصدارات سوى المنشورات التي قبلت بلعبة التحدي والمجازفة مع طواحين دور النشروتفاقم الأمية على المستوى العربي ، بيد أن المعجزة النتية بما أتاحته على مستوى سهولة التلقي على سندات وطرائق النشرالمختلفة قد خففت إلى حد ما من استنزاف الكاتب(ة) والتخفيف أيضا وقبل كل شيء من أزمة النشربما يتغياه أساسا من ربط لعلائق التواصل وباعتباره رافدا من روافد المعرفة والعلوم والفكر…

ولسنا هنا بصدد النفخ في حطب النارلتلتهم المزيد من الورق والبحث في تداعيات وآثارالنشرالإلكتروني على حركية إقتصاد النشرالورقي ولكن لايفوتنا أن نتعرض لزائنات النشرالإلكتروني على إختلاف مستويات سنداته المشبعة بذرات الإلكترون من بوابات ومواقع ومنتديات ومجلات إلكترونية . فلولا هذه الدعامات الإلكترونية الجديدة لأقبرت العديد من الكتابات في مهدها ولبقيت العديد من الأصوات العربية قابعة في كهوفها الجوانية وأخيرا لخسرت البيبليوغرافيا العربية العديد من الأقلام الرفيعة والمائزة .

هذه الطفرة الشبكية جعلت المشهد القصصي يموربالكثيرمن الأسماء الإلمعية .. أسماء أغنت التراكم الإبداعي القصصي بالعديد من الأعمال البديعة التي راهنت في أشغولتها على تحقيق الفرادة والإنفلات من إجترارتجارب الرواد الأسلاف إن على المستوى المحلي أو العربي وقد يعود الفضل في بلورة هذا التصورالجديد للإبداع القصصي إلى إنخراطه في أوراش المنتديات بما تتيحه من مواكبة ومتابعة نقدية وتعليقات لايخلوحظها من ومضات عالمة وموضوعية وقراءات عاشقة لم تنفك الدهشة تشرق من بين سطوربوحها .

متعة ورفعة القص الشبكي قد ترفع من درجة لذتنا بالنص وبالقص حين يتحقق توأمه بين دفتي أثرورقي بما يمهره من قدسية أزلية وأبعاد جمالية ونوستالجيا وحرارة حين نحضنه بين أيدينا ونلفه بهما في قماش الإحتفاء … هذا ما تحقق في تجربة القاص الأردني الصديق ناصرفالح الريماوي حين أتم ألق مساره الإبداعي القصصي الإلكتروني بإصدارالطبعة الورقية الأولى من إضمامته التي وسمها ب)جاليريا ( ناهزت 255 صفحة من القطع المتوسط إختلف متنها بين نصوص قصصية طويلة ونصوص قصصية قصيرة ونصوص قصصية قصيرة جدا وكلها توزعت بين عناوين رئيسة وعناوين فرعية .

وتشكل قصة (جاليريا ) الربوة النيسانية المائزة في تضاريس المتن القصصي ككل . ولم يأت العنوان (جاليريا ) إعتباطيا أو إنبهارا بجرس نبرته بل إن إنسحابها على الحقل الدلالي للإضمامة كان بقصدية توجيه عملية التلقي منذ العتبة الأولى للأثرنحو مدارات التشكيل والرسم وانكمانهما في تلافيف الذاكرة البعيدة للقاص ناصرالريماوي بما وظفه من أدوات ومرهمات قزحية في بنيات العديد من النصوص وتعتبرقصة ( جاليريا ) أوج درجات الولع وهي التيمة المهيمنة والقصة التي إستطاعت أن تحقق تقاطعاتها مع فن التشكيل إلى درجة تماسها مع القراءة النقدية التشكيلية المحمولة على متن السرد .

إن السرد في قصة (جاليريا ) لم يتوقف كي يفسح المجال للوصف بل إن القاص ناصرالريماوي قد أفلح في تحقيق كميائه الخاصة بين رؤية بصرية وصفية وانسياب السرد يقول السارد في الصفحة 117 : (متقنة توشك أن تنطق أو هكذا تراءى لي ، النظرة الحانية تطغى في تحولاتها الرصينة لتثقب صفة الضوء الخافت عند طرف اللوحة المقابل ) ويقول في الصفحة 41 : ( وأيقنت أني سأبدء يرسم لوحتي الأولى من هذا المكان فالرسم مثل ولادة القصيدة قد تقوده الإنفعالة الأولى ) ومن خلال هذا المقطع المقتطف من قصة (سيرة الأيام ) يتبدى تماهي كينونة القصيدة مع كينونة الرسم اليتوحدان في نطفة الإنفعال بماهو العامل الأساس في تفتق اللحظة / البدء في الولادة الشعرية والتشكيلية وبالتالي فإن القاص ناصرالريماوي يكون قد عثرمن خلال إضمامته القصصية ( جاليريا ) على المدارة التي تلتقي فيها الأجناس الإبداعية من قصة وشعروتشكيل وهي مدارة التقاطع التي تتوغل بعيدا في تخوم الطفولة وانكمانها في أغوار الذاكرة الريماوية يقول في الصفحة 55 : ( نفذت أصابع الطبشورالملونة قبل أن تكتمل جدارية الصيف ، البعض يومئ بحركات تدل على إعجابهم الشديد بمهارتي في الرسم أمام والدي بينما قلة منهم تثور وتهتزفي إنزعاج مبهم لتلك الخربشات )

ولقارئ (جاليريا ) أن يستشف ذلك الميثاق العلني الذي وثقه القاص ناصرالريماوي على الصفحة 7 حيث يقول : ( قصص هذه المجموعة المتواضعة هي الإنعكاس الطبيعي للمشاهدات أو اللحظات المعايشة والتي تتميز بخصوصية عالية ، من خلال مدلولات نفسية يصعب على المرء تفسيرها ببساطة لعدم تجليها بوضوح أو لارتباطها بعقلنا الباطن والتي تستوقفنا بغتة ودون اللجوء لنية البحث عنها أو الترتيب للعثور عليها ، لكنها حين تمربنا بغتة فإنها تستدعي جيوشا من الصور العالقة في الذاكرة المختزنة والذاكرة المتخيلة على حد سواء ليبدء عالم حر بالتشكل من غير ملامح واضحة ومن غير نهاية محددة سلفا ثم يأتي دور اللغة والثقافة وتراكم التجربة في تفكيك هذا العالم إلى قصص قصيرة )

إنه إذن ميثاق كل علاماته وشروطه إنتصبت من أجل إستكناه التجربة القصصية إنطلاقا من مواضعات مقدمة هي بمثابة (خارطة طريق ) لعملية التلقي .

وقد لانغالي في القول إذا ما أشرنا إلى أن ذاكرة السارد هي ذكرة بجدران مطلية بأبهى اللوحات التي تجاوزت حدود متعتها البصرية إلى مستوى نقشها على جدارالذاكرة حيث باتت ألوانها ولغتها تضج بإواليات وأدوات لتعرية الذات وانشغالاتها اليومية من جهة وتفسير ماهيات العالم من جهة ثانية ، ففي كل مكان هناك لوحة وأينما توجه القارئ ألفى أنامل الرسام ناصر الريماوي تعد كيمياءها اللونية المنصهرة بالسرد وهذه تجربة لايمكن أن تتحقق وتفرض تميزها وفرادتها إلا لقاص خبرشعاب القص وانغمرمنذ الطفولة في فلسفة اللون .

وثقودنا هذه التيمة المهيمنة على الحقل الدلالي للمتن القصصي الريماوي إلى إستغوار وظيفة الوصف .. الوصف ليس باعتباره محطة للوقوف في مسار السرد بهدف إلتقاط الأنفاس بعد اللهاث السردي ولكن باعتباره إمتدادا بنيويا في معمار القص حيث تلتئم وظيفة الوصف مع الرغبة الكمينة في التشكيل وبالتالي وتأسيسا على الميثاق السابق (الصفحة 7 ) يخلق السارد لغته الخاصة التي تمتح من معين واحد هو معين الفن ، فن التشكيل وفن القص والبحث عن مسافة التوافق بينهما والتي تتجلى في رقعة الصورة وبلاغتها السردية باعتبارها آلية من الآليات الجمالية المتحكمة في الإنتاج القصصي حيث تستقي حدودها العامة من مجالات الحسية والتخييل يقول السارد في قصة (جاليريا ) الصفحة 117 : (كان نصف الوجه يتكئ على راحة اليد أسفل الذقن بينما تناثرت خصلات كستنائية اللون حول شلال من الشعرالمرسل تدفق من خلال حزمة واحدة إنبثقت للتو على الجانب الأيمن للنافذة .)

تتجذر الصورة هنا عميقا في تيمة التشكيل .. فالصورة في هذا المقطع تصف وتستثيرتراكيبها جملة من التصورات الذهنية وبالتالي فهي تمنح نفسها بكل يسرللمتلقي … إنها تحاكي نفس الصورة التي وثقها على ظهرالغلاف الذي يحمل من بين دلالاتها إشارة مائزة تتساوق ونص (جاليريا ) بمعنى آخرأن لوحة الغلاف هي بالأساس قطعة من صور النص السردي يتغيا الإمتاع التشكيلي بعيدا عن ضروب الصور التجريدية التي دأبت على ركوب سروجها جل الإصدارات العربية في الموضة الأخيرة .

وفي رأينا المتواضع أن إنتقاء عنوان الإضمامة (جاليريا ) لهو بمثابة بطاقة تعريف الإبداعية الحقيقية للقاص ناصر فالح الريماوي ، فالأبعاد السيكولوجية لاتخون المتلقي في إستجلاء إفتتان الكاتب بفن التشكيل (كنت أخضع لتأثيراللوحة الحانية من جديد ) بل إنه يتجاوزحدود وتقاليد البرتوكولات وتقاليد المشاهدة بدافع الهوس التشكيلي إذ ( غافل الحضور بالتطاول فوق الشريط الفسفوري الذي يرتكزعلى مساند فضية على إمتداد الصالة ) لكن لكل سارد رقيبه ولسارد (جاليريا ) أيضا رقيب يتقفى حركات إنبهاريحول بينه وبين اللحظة الذروة وهي لحظة التوحد باللوحة وبالتالي نعتقد أن هذه اللحظة / التوترتشكل دائما تلك البرهة الأسطورية التي لايمكن أن تنبثق لتبقى أجمل وأشق المسافات بين جمالية الصورة ومفاصلها وبمعنى آخرإن عطش اللقيا هو ما يحقق إبداعية التشكيل وتواترالسرد في أعمال ناصر فالح الريماوي .

ومما يميز هذا الأثرالقصصي الجديد (جاليريا ) وتوظيفه لطرائق السرد وفضلا عن جنس القصة في المجموعة على ظهر الغلاف فقد إرتاد القاص ناصر الريماوي أجناس قصصية أخرى مثل القصة القصيرة جدا والقصة الومضة بل هناك في هذه الإضمامة من القصص ما يمكن إعتبارها مشاريع سردية بنفس روائي ونحيل القارئ بهذا الصدد إلى قصة (منزل الأقنان ) ص 201 الذي أعتبرمن العلامات الناتئة في المتن القصصي ككل … إنه نص يوثق لسيرة الشاعرالعراقي بدرشاكر السياب وكريمته غيداء اللذان شكلا الشخصية المحورية بالإضافة إلى أسماء أخرى وازنة كنازك الملائكة ومهدي الجواهري وبلند الحيدري وأكرم الوتري ومحيي الدين إسماعيل وخالد بصمت الشواف …

وإذا كانت قصة (جاليريا ) قد إنشغلت بوظيفة الوصف فإن (منزل الأقنان ) قد رام دينامية سردية متواترة وراهن على مجموعة من الأنساق الزمنية ضمن سياق مكاني له دلالته التاريخية على مستوى الخارطة العربية إنه العراق الجريح بهمومه اليومية الممهورة بالدم والعنف والإحتلال في زمن السؤال : أين توارى دورالمثقف العراقي في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة …؟ وإذا كان الشيء بالشيء يذكرفإن تبئير شخصية السياب في ( منزل الأقنان ) قد رام وظيفة التناص المباشر.. تناص سلس ومطواع أسهم كثيرا في الإرتقاء ب )منزل الأقنان)

إلى ذروة الإنغمارفي هموم السياب واغترابه . والتناص هنا في هذه القصة وقصص أخرى تناص ظاهروتناص دلالي حيث توفق القاص في إدراج بعض المقاطع الشعرية من قصائد السياب وقد إقتبس منها هنوان القصة :

منازل فانزع الأبواب عنها تغد أطلالا

خوال قد تصك الريح نافذة فتشرعها إلى الصبح

تطل عليك منها عين بوم دائب النوح

وسلمها المحطم مثل برج دائر، مالا

يئن إذا أتته الريح تصعده إلى السطح

سفين تعرك الأمواج ألواحه ………………

……………….

ألا يامنزل الأقنان ، سقتك الحيا سحبا

تروي قبري الظمآن

تلثمه وتنسحب

(مقتطف من قصيدة منزل الأقنان للسياب )

يقينا أن إضمامة (جاليريا ) بانضمامها إلى بيلييوغرافيا القصة العربية الحديثة تكون قد قدمت إضافات نوعية بخصوصيتها الإبداعية في جنس القصة القصيرة الأردنية والعربية الورقية منها والإلكترونية ومهما حاولت هذه القراءة العاشقة وهذه المقاربة النقدية لبدائع السرد القصصي عند صديقنا القاص ناصر الريماوي فهي مهما باحت ولفت وطافت مدارات الحكي فإن (جاليريا ) ستبقى ذلك المتن المائج تارة والهادئ تارة أخرى متنا طافحا بسرالإمتاع والمؤانسة وإلى (جاليريات) أخرى إنشاء الله .

ــــــــــــــــــــ

صحيفة العرب اليوم الأردنية - نشر خبر اصدار جاليريا






الكاتب الأردني ناصر الريماوي يصدر أول أعماله القصصية في دمشق وتحتوي على 15 عنوانا.

دمشق ـ عن دار تالة للنشر والتوزيع بدمشق، صدرت المجموعة القصصية الأولى للكاتب الأردني ناصر الريماوي، وتحمل المجموعة عنوان "جاليريا"، وهي من القطع المتوسط وعدد صفحاتها 250 صفحة.

تضمنت المجموعة 15 عنوانا، وكل عنوان اندرجت تحته مجموعة من العناوين الفرعية التي تتبع في محتواها العنوان الرئيسي.


وتتميز قصص ناصر الريماوي بالاعتناء بالتفاصيل الدقيقة التي تشد القارئ وتلهب حماسته لمتابعة النص المتوهج بالضوء كما يبتعد الريماوي من خلال مجموعته القصصية عن الطرح المباشر وأسلوب النصح والإرشاد والإنشاء والتقرير.


يتمتع الريماوي بموهبة متدفقة حيث يغوص من خلال قصصه في عالم خاص وحساس، وبأدوات تقنية وفنية، وقدرات إبداعية تجعله في مصاف المبدعين الجادين والمتميزين، وقد كتب عنه الكثير من الكتاب والنقاد.

ولعل مقدمة "جاليريا" التي كتبها الريماوي تختصر الكثير، فهو يقول:

"قصص هذه المجموعة المتواضعة هي الانعكاس الطبيعي للمشاهدات أو للحظات المعايشة والتي تتميز بخصوصية عالية، من خلال مدلولات نفسيه يصعب على المرء تفسيرها ببساطة لعدم تجليها بوضوح أو لارتباطها بعقلنا الباطن، والتي تستوقفنا بغتة ودون اللجوء لنية البحث عنها، أو الترتيب للعثور عليها، لكنها حين تمر بنا بغتة فأنها تستدعي جيوشاً من الصور العالقة في الذاكرة المختزنة والذاكرة المتخيلة على حد سواء، ليبدأ عالم حر بالتشكل من غير ملامح واضحة ومن غير نهاية محددة سلفاً، ثم يأتي دور اللغة والثقافة وتراكم التجربة في تفكيك هذا العالم إلى قصص قصيرة."

28‏/10‏/2009

اصدار المجموعة القصصية الأولى " جاليريا " - صحيفة الصوت




جاليريا’ مجموعة قصصية تعتني بالتفاصيل الدقيقة


الكاتب الأردني ناصر الريماوي يصدر أول أعماله القصصية في دمشق وتحتوي على 15 عنوانا.

دمشق ـ عن دار تالة للنشر والتوزيع بدمشق، صدرت المجموعة القصصية الأولى للكاتب الأردني ناصر الريماوي، وتحمل المجموعة عنوان "جاليريا"، وهي من القطع المتوسط وعدد صفحاتها 250 صفحة.
تضمنت المجموعة 15 عنوانا، وكل عنوان اندرجت تحته مجموعة من العناوين الفرعية التي تتبع في محتواها العنوان الرئيسي.
وتتميز قصص ناصر الريماوي بالاعتناء بالتفاصيل الدقيقة التي تشد القارئ وتلهب حماسته لمتابعة النص المتوهج بالضوء كما يبتعد الريماوي من خلال مجموعته القصصية عن الطرح المباشر وأسلوب النصح والإرشاد والإنشاء والتقرير.
يتمتع الريماوي بموهبة متدفقة حيث يغوص من خلال قصصه في عالم خاص وحساس، وبأدوات تقنية وفنية، وقدرات إبداعية تجعله في مصاف المبدعين الجادين والمتميزين، وقد كتب عنه الكثير من الكتاب والنقاد.
ولعل مقدمة "جاليريا" التي كتبها الريماوي تختصر الكثير، فهو يقول:
"قصص هذه المجموعة المتواضعة هي الانعكاس الطبيعي للمشاهدات أو للحظات المعايشة والتي تتميز بخصوصية عالية، من خلال مدلولات نفسيه يصعب على المرء تفسيرها ببساطة لعدم تجليها بوضوح أو لارتباطها بعقلنا الباطن، والتي تستوقفنا بغتة ودون اللجوء لنية البحث عنها، أو الترتيب للعثور عليها، لكنها حين تمر بنا بغتة فأنها تستدعي جيوشاً من الصور العالقة في الذاكرة المختزنة والذاكرة المتخيلة على حد سواء، ليبدأ عالم حر بالتشكل من غير ملامح واضحة ومن غير نهاية محددة سلفاً، ثم يأتي دور اللغة والثقافة وتراكم التجربة في تفكيك هذا العالم إلى قصص قصيرة."